يا جماعة قوموا لتوة راقدي
"يرحم بوك يا شكري أرقد وخلينا رايضين"
جاه صوت ناعس: " تي شنوة شكري، ياخي ما تسلّمش؟ حتى خربولك بدنك بالرصاص و مازلت تعارض وموش عاجبك شي؟
مسح التراب على وجهو وشلاغمو، ما عادش يحس بوجيعة الرصاص الحي اللي خرب بدنو وقت كان فوق الأرض، اليوم هو تحتها، تنقّل من عالم الأضواء لدنيا فيها برشة ظلام، بعّد الكفن على وجهو، ما تعودش يسكت ما تعودش يكون جثة هامدة ما فيهاش صوت قوي يهدر.
" توة عاجبتكم حالتكم هذي، كفن وتراب ودود؟ توة هذي ظروف انسانية واحد يعيش..نقصد يموت فيها، دافعوا على حقوقكم وعلى حق صغاركم في الدفن الكريم"
" هههه هايلة هذي؟ شنوة بابا تحب يجيبولنا فريجيدار وتلفزة، ولا تحبش نلموا كل واحد 12 الف ونعطيوهم للاتحاد ونعملوا نقابة الموتى والقبور"
" شنوة شكري؟ حرضت لعباد الفوق على الاضرابات والاعتصامات وعطيتهم الحجر وتوة تحب تحرض لعباد اللوطة، ما شعفتش؟"
"حرضت لعباد الفوق بش تعيش بكرامة، حرضت لعباد بش تقول لا للناس اللي يستغلوا فيها باسم الدين..."
رجّع واحد منهم الكفن على وجهو "هاو بدا يخطب توة؟ اش بش يفكها توة"
جاه صوت قوي هادر زعزع الأرض "نحّي الكفن على وجهك وقت نحكي معاك"
قوة الصوت خلات بدنو يرعش الكل، نحى الكفن من وجهو، رشق عينيه في وجه شكري، في شلاغمو، في عينيه(نعرف توة القارئ يسأل كيفاش شافوا بعضهم والدنيا ظلام، نجاوب انو الحكومة الشرعية عملت انارة تحت للمقابر الكل على كامل الجمهورية، لتوفير الراحة للموتى بعد ما وفرت الراحة للأحياء)
"حرضت لعباد على الكرامة والحرية، حرضتهم يثوروا في وجه الظلم والطغيان، حرضتهم يقولوا لا للفقر والتهميش، حرضتهم ياقفوا قدام ماكينة القمع والارهاب، حرضتهم يحلموا، اما ثمة ناس تكره الاحلام، تحب تعيشنا في كابوس، تحب الموت وتكره الجمال"
جاه صوت خانس من بعيد "بربي يا شكري وين كنت قبل 14 جانفي؟"
ضحك :"انت وقتاش مت؟"
"مت بعد الاستقلال بشوية، ماشي حطيت ساقي على لغم ياخي هز ربي متاعو"
"مالا كيفاش عرفت حكاية 14 جانفي؟"
"شي ما يتخبى تحت الأرض، ثمة وليدات دفنوهم حذايا، بدناتهم منقوبة بالرصاص، عيونهم ذابلة، دموع أماتهم مازالت تحرق على وجوههم، قالولي بدينا ثورة، قالولي واحد اسمو بن علي هرب نهار 14، قالولي برشة كيفنا تقتلوا بالرصاص، ياخي صارت ثورة؟"
"مشا في بالنا صارت ثورة، دم تسكب على الارض، ارواح طلعت لخالقها، بدنّات ملوحة في الشوارع، أمّات تصيح وتعيط، فرحنا قلنا عملنا ثورة، جاو الصحاح، سرقوها، ركبوا عليها، مالا قتلي وين كنت قبل 14 جانفي....."
هوما هكاكة وجا صوت من فوق "حياك بابا حياك، الف رحمة على بيك، هذولة العذبوني، هذولة المرمروني، وعلى جسر المسيب سيبوني؟"
"شنوة شكري، ياخي جماعتك ما يقراوش الفاتحة، يجيو يغنيو لهنا، تطلعش بالرسمي ملحد وما تمنش بربي أستغفر الله؟
جا صوت آخر يقرا الفاتحة، جا صوت ثالث ميحانة ميحانة، جا صوت رابع "اللّهم اغفر له ولعبادك الميامين" وخامس "يا ..... يا سفاح يا قتال الارواح" وسادس وسابع وعاشر، كثرت الاصوات وبهت الحس تحت الأرض.
هبطت دموعو على شلاغمو، بلّت الكفن متاعو، تذكّر بسمة ونيروز وندى، فيسع مسح دموعو،قام، بدا يتكلم، والجماعة اللي دايرين بيه باهتين يسمعوا، حكالهم على الطبقات المهمشة، على حقوق الموتى والاحياء، على القمع والظلم والقهر، على الفقر، على الزواولة فوق الارض وتحتها،
سكت قعد يخمم "اش قولكم نعملوا نقابة، نقابة تدافع على حقوقنا، تسمّع اصواتنا، على الاقل حقوقنا ضاعت فوق الأرض ناخذوها تحتها"
قعدوا الجماعة يخمموا مستغربين، زعمة يلقاو حقوقهم تحت الأرض، زعمة ياخذو اللي ما نجموش ياخذوه وهوما حيّين، زعمة تضحكلهم الدنيا اللوطة، زعمة تتحسن ظروفهم ويموتوا كيف الناس"
"الله يبارك، ما عندنا ما خاسرين، انا موافق"
"وانا موافق"
"برة الشنقة مع الموتى خلاعة، موافق زادة وشد انت كاتب عام شكري"
"انا معاكم، ونسميوها "نقابة الموتى والدفن بكرامة"
قعد واحد يخمم، ضرب اخماسو في اسداسو:"يا جماعة ما عناش لا اتحاد شغل لا حكومة تحت الأرض، لو فرضنا عملنا نقابة، المطالب متاعنا لشكون بش نرفعوها، لشكون نعطيو مطالبنا يا شكري؟لشكون؟ يا شكري لشكون.....
ينتهي المقال عند هذا الحد، تفاديا للدخول في بعض التفاصيل التي قد تمس بالمقدسات.
حمدي مسيهلي